الرياض تعثر على الجده المفقوده منذ 55 سنه

قال الفلاسفة القدماء الأحلام تعشق من يبوح بفحواها......... ولا يأس مع الحياة)،ومن هذا المبدأ، ولأنهم كانوا يحلمون بلقاء جدتهم المفقودة منذ أكثرمن 55عاماً، فقد أصر الأحفاد حسن الشحي (26عاما) واخوته الستة (من إمارة رأس الخيمة في الإمارات العربية المتحدة) مواصلة رحلة البحث المريرة التي بدأها والدهم المتوفى إثر حادث سير أليم (علي راشد الشحي) تحقيقاً لرغبته ووصيته في العثور عليها حية أو ميتة، هذه الجدة التي لم يروها ولم يعرفوها إلا من خلال رواية والدهم (الابن الوحيد للجدة المفقودة) والذي قضى عمره يبحث عنها بعد أن فقدها وهو طفل رضيع لم يتجاوز عمره 3سنوات، حيث خطفت وهي ترعى الغنم في أطراف قريتها في إمارة رأس الخيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة،في عام 1945م تقريباً.
وبعد كل هذه الرحلة الأليمة، وبعد وفاة الوالد، وخيبة أمل الأحفاد في العثور عليها، حيث بحثوا عنها في كل مكان، وتابعوا كل الشائعات التي ظنوا أنها ربما توصلهم إلى حقيقة اختفائها، ولكن دون جدوى، شاء الله أن يجدوا ضالتهم المفقودة ويعرفوا مكانها، وقصتها الكاملة، بمساعدة "الرياض" وفي مكان لم يتبادر إلى أذهانهم في يوم من الأيام أن تكون قد وصلت إليه ألا وهو حي "الشميسي" في مدينة الرياض.

القصة بدأت عندما نشرت "الرياض"، خبرا في صفحة محطات متحركة مفاده : (أحفاد إماراتيون يبحثون عن جدتهم المفقودة منذ 55عاما) ، وذلك بعد أن قام مكتب "الرياض" في دبي بالاتصال بأحفادها للتأكد من صحة الخبر المنشور، في إحدى وسائل الإعلام الإماراتية، لتأكيد نشر الخبر، وفعلا تم التحدث مع الحفيد (حسن علي الشحي) والذي يتولى مهمة إدارة البحث عن الجدة، والذي أكد صحة الخبر،وأنهم يحملون إرث البحث عن جدةٍ لا يعرفونها تلبيةً لرغبة والدهم الذي توفاه الله قبل أن يعرف عن والدته ما يريح نفسه الحزينة،وبعد فترة وجيزة اتصل بنا المواطن السعودي صالح سلمان الحقباني،رجل أعمال سعودي، واخبرنا أنه يعرف الجدة المفقودة، حسب الأوصاف المذكورة في خبر "الرياض" المنشور،ولكنه يحتاج لفترة من الوقت لتجميع ما لديهم من أدلة تثبت صحة كلامهم، خاصة وأن الجدة فاطمة الشحي توفيت منذ أكثر من 17عاماً.

لا نعرف كيف نشكر "الرياض" على ما قامت به.

يقول حسن الشحي : يعلم الله مدى ما كنا نعانيه قبل أن تبادر "الرياض" ممثلةً بمكتبها الإقليمي في دبي لمساعدتنا، وإنهاء هذه المعاناة التي كدنا أن نصدق أنها جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فقد كنا نبحث عن أية معلومة كانت لتساعدنا في العثور على جدتنا سواء أكانت صحيحة أم لا،خاصةً بعد أن أبلغنا رئيس قسم الخدمات الإنسانية والاجتماعية في شرطة دبي إلى انعدام المعلومات أو الأوراق الثبوتية التي يمكن الاعتماد عليها للبحث مما صعب من المهمة،حيث إن الاكتفاء بمعرفة الاسم لا يفي بالغرض وخاصة أنه غير موثق أصلا قبل أكثر من 55عاماً،وأكد أن البحث جرى في كل أرجاء دبي، حيث إن الجوازات والجنسية الموثقة في الحاسب الآلي لم تظهر أي اسم قريب أو بعيد مطابق للاسم ذاته في الإمارات، مما أدى إلى إحباطنا وإلى انتشار الشائعات، فهذا يقول أنه قابل امرأة تبحث عن والدنا وعندما عرفت أنه مات رحلت ولم تعرف بأمر أحفادها من ابنها المتوفى،وذاك يقول أنها أرسلت رسالة بعد اختفائها مباشرة لأحد أقاربها تخبرهم فيها أنها متزوجة في دبي، مشيراً الى أن أحدا منهم لم يتابع أثر الرسالة لوفاة مستلمها، وآخر يقول أنه منذ فترة قريبة رأى امرأة تنطبق عليه الأوصاف التي نذكرها دائما أثناء بحثنا عنها، وهكذا كنا نعيش في دوامة لا نعرف كيف نخرج منها ومتى !! حتى جاءت "الرياض" التي رفضنا بدايةً أن ننشر قصتنا عبرها ليس لسببٍ، ولكن لأننا لم نتوقع يوماً أن تكون جدتنا التي بحثنا عنها في كل شبرٍ من الإمارات، موجودة في المملكة العربية السعودية، كيف ؟ ومتى؟ وأين ولماذا؟!!

ويضيف، كل هذه التساؤلات انتهت حال اتصال مكتب "الرياض" في دبي بنا وإعلامنا بالخبر السار الذي طالما حلمنا به، منذ الصغر حتى أصبحنا رجالاً، " أبشروا وجدنا أخباراً عن جدتكم المفقودة(فاطمة سيف بن حديد الشحي)، ولكنها للأسف توفيت قبل أكثر من 17عاماً "، ولم نكن نصدق ما سمعناه من هول المفاجأة، خاصة أنهم عثروا عليها في العاصمة السعودية الرياض، حتى أكدوا لنا صحة المعلومة ولكن طلبوا منا الانتظار لبعض الوقت حتى تتم مقابلة العائلة السعودية التي كانت تعيش عندهم الجدة، ومعرفة تفاصيل هذا القصة الغريبة العجيبة والعثور على بعض الأوراق الثبوتية في هذا الشأن، وفعلاً انتظرنا عدة شهور حتى تأكدنا من الخبر ومن شخصية جدتنا عبر الصورة الحية، حيث زودنا مكتب "الرياض" في دبي مشكوراً بشريط فيديو من عائلة الحقباني من الرياض، العائلة التي كانت جدتنا (فاطمة الشحي) تعيش في بيتهم، يحتوي على بعض اللقطات لجدتنا المفقودة، وبعض الأوراق الرسمية التي تثبت شخصية جدتنا،وتحمل اسمها الصحيح وهو (فاطمة سيف بن حديد الشحي)، وهنا قاطعته "الرياض" لسرد أحداث القصة على لسان الأستاذ صالح سلمان الحقباني،المدير التنفيذي لشركة الحقباني لأبحاث الطاقة،وأحد أفراد عائلة الحقباني الذين عاشت معهم الجدة المفقودة أكثر من 40عاماً. في الرياض.

وهنا توجه حسن الشحي بالنيابة عن أخوته وكافة أفراد أسرته بالشكر الجزيل ل"الرياض" حيث قال : نحن عاجزون عن الشكر لصحيفة "الرياض" ومكتب "الرياض" في دبي على كل ما بذلوه من جهد في سبيل الوصول إلى الحقيقة.

حقيقة قصة الجدة المفقودة:

وهنا توجهت "الرياض" الى المواطن السعودي صالح الحقباني وسألته: كيف عرفتم بموضوع الجدة الإماراتية المفقودة وتأكدتم أنها هي نفسها (الجدة فاطمة الشحي) التي عاشت معكم عقوداً من السنين ؟

الحقيقة نحن من القراء المتابعين ل " الرياض"، فقرأنا الخبر الذي كان مصدره مكتب "الرياض" في مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة وتفاجأنا بالخبر خاصة وأن الأوصاف والقصة المذكورة والاسم ينطبق تماماً على ما عرفناه عن الجدة فاطمة (جدة الحقابين) كما كنا نسميها، وفعلاً بادرنا بالاتصال بمكتب "الرياض" في دبي في دولة الإمارات وقاموا مشكورين بمساعدتنا على الاتصال بأحفادها والتواصل معهم ومتابعة المستجدات على مدى الشهور





الماضية حتى استطعنا نحن بدورنا أن نبحث في الأوراق القديمة ونجد ما يثبت حقيقة الجدة فاطمة، لأنها توفيت منذ أكثر من17عاماً،ولم نعتقد في يوم من الأيام أن يظهر من يبحث عنها بعد كل هذه السنين الطويلة، ومن حسن الحظ أننا وجدنا شريط فيديو قديما عندما كنت طفلاً صغيراً وفيه مقطع تصويري واضح للجدة فاطمة، بالإضافة الى حفيظة النفوس السعودية الخاصة بها.

ما الذي تعرفه عن الجدة فاطمة بنت سيف الشحي؟

كل ما أعرفه عن فاطمة بنت سيف الشحي أنها جدتي الحبيبة التي قامت بتربيتي وتربية الكثير من أبناء أسرتي بحكم وجودها الدائم معنا في بيت العائلة الكبير لدرجة أننا كنا نسميها (جدة الحقابين) وكانت تتميز بشخصية قوية وهي من النوع الكتوم فلا نسمعها تتكلم عن نفسها إلا ما ندر.

وأضاف، ولكن والدتي أطال الله في عمرها كانت تروي لنا قصة هذه الجدة الغريبة وتؤكد وجودها في العائلة حتى قبل أن تتزوج هي (والدتي) من والدي،وتضيف أنها : عندما تزوجت والدي (يرحمه الله) وانتقلت إلى بيت العائلة وجدت الجدة فاطمة موجودة وتدير كل أمور المنزل ولا يستطيع أحد أن يتدخل في شؤونها أو يعارضها في أمر فهي بمنزلة(أم العائلة) والجميع يقدرها ويحترمها من الكبير إلى الصغير.

ولكن،كيف وصلت فاطمة الشحي المواطنة الإماراتية إلى السعودية؟

نحن نتكلم عن قصة حدثت قبل أكثر من سبعين عاماً ولم تكن والدتي قد تزوجت من والدي بعد، ولكن ما عرفناه من الوالد قبل أن يتوفاه الله،أن عمي اشتراها قديماً من رجل آخر سعودي في الرياض، وذلك قبل عقود من السنين عندما كان الكثير من التجار يقومون بتجارة بيع البشر، حيث كانت هذه الظاهرة منتشرة آنذاك على الساحل العماني وانتهت بعد قيام الاتحاد في دولة الإمارات.

وأضاف،أتذكر انه عند سؤال الجدة فاطمة الشحي عن اسمها وموطنها الأصلي، وكيف وصلت إلى المملكة العربية السعودية خاصة وانها كانت صغيرة في السن(أقل من 20عاماً)، أكدت أنها تدعى (فاطمة بنت سيف الخنبولي الشحي)، من إمارة رأس الخيمة في الإمارات وأنها متزوجة وعندها ولد واحد اسمه علي، وفي أحد الأيام وأثناء رعيها للأغنام تعرضت لعملية اختطاف، حيث أخذها الخاطفون إلى الحدود القطرية وبقيت هناك مدة 6شهور أصيبت أثناءها بمرض في عينيها جعلها تفقد إحداها، ثم بعد ذلك نقلها الخاطفون إلى المملكة العربية السعودية متسللين عبر الحدود القطرية السعودية، وقاموا ببيعها هناك لأحد السعوديين المقتدرين ثم قام الأخير ببيعها لوالدي ب 8آلاف ريال كما ذكر الوالد(يرحمه الله).وعاشت في بيتنا القديم في الشميسي في مدينة الرياض لمساعدة الأهل في العمل، ولكن أصبحت لها بعد ذلك مكانة خاصة في العائلة.

ألم يحاول الوالد إعادتها إلى وطنها وأسرتها في إمارة رأس الخيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة؟

لقد عاشت معنا (الجدة فاطمة) وكأنها فرد من عائلة الحقابين وكان الوالد وجميع أعمامي يكرمونها ويعتبرونها كما ذكرت سابقاً أم الجميع وحتى أن والدتي وزوجات أعمامي يعتبرنها مدبرة المنزل، أما عن موضوع إرجاعها إلى أهلها فتؤكد الوالدة أنها عرضت على الجدة فاطمة أكثر من مرة أن تذهب معها لتبحث عن أهلها في دولة الإمارات وترجع لأسرتها وولدها، ولكن كانت الجدة فاطمة ترفض ذلك في كل مرة دون مبرر مقبول، وتقول أنا (حقبانية) وأنتم أهلي، وأحياناً تقول أهلي في إمارة دبي وأخرى تقول في إمارة رأس الخيمة وهكذا لم يرد الأهل أن يضغطوا عليها في مسألة العودة لأنها لم تبد الرغبة في ذلك، ولما يحملونه لها في قلوبهم من حب وتقدير وأكبر دليل على ذلك أن أعمامي ساعدوها في إكمال نفقات بناء مسجد لها في قرية من قرى مدينة أبها على(طريق سودة) ويحمل اسمها، حيث كان أهل القرية بحاجة لمسجد وذلك قبل أن يتوفاها الله قبل أكثر من 17عاماً عن عمر يزيد على(60سنة) تقريباً، حيث كنا قديما نذهب إلى بيتنا في أبها بصورة مستمرة في فترات الإجازة وهي معنا طبعاً، ومن شدة تعلقي بها أسميت أحد أولادي (سيف) على اسم والدها حتى لا ننساها.

كيف عاشت الجدة فاطمة في الرياض كل هذه الأعوام دون أية أوراق ثبوتية؟

بعد أن رفضت أن ترجع وتبحث عن أهلها في دولة الإمارات دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، قرر الوالد رحمه الله أن يستخرج لها حفيظة نفوس (تابعية) سعودية بحكم المدة الطويلة التي عاشتها في المملكة العربية السعودية وعلى إعتبار أنها (والدتنا)، ولكنه أصر يرحمه الله على أن يذكر اسمها الكامل واسم عائلتها ويذكر فيها أن مكان والدتها هو إمارة دبي كما ذكرت الجدة فاطمة ذلك وان تاريخ ولادتها 1335هجري والأوراق الرسمية تثبت ذلك، لكي نثبت حقوقها للأمانة وتبرئة الذمة من قبلنا.

ما الذي تتذكره من طفولتك عن حياة الجدة فاطمة الشحي معكم؟

كانت تعيش معنا كأي فرد آخر من العائلة، ولم نشعر في يوم أنها غريبة عنا، وكانت لها غرفتها الخاصة بها، ومصروفها الشهري مساويا لمصروف أي من نساء العائلة الموجودات معها في البيت الكبير.

أما عن وفاتها، فقال الحقباني : كنا في أبها لقضاء عطلة الصيف وهي معنا كالعادة، فأصابها مرض مفاجئ، نقلت على أثره للرياض وبعد ذالك بفترة قصيرة توفيت.

وأخيراً قدم صالح الحقباني شكره الجزيل ل "الرياض" على جهودها المعهودة من أجل مساعدة الآخرين، وكشف الحقائق، ولتعلو صحافتنا السعودية دائما منبر الحقيقة وتحري الدقة وإيصال المعلومة للقارىء في أي مكان كان، وتمنى أن يكون قد أوصل الأمانة إلى أهلها.